
العَوْلَمة إنّ العولمة مصطلح حديث يعبّر عن ظاهرة قديمة، أدّت إلى جعل العالم قرية إلكترونيّة ضئيلة تترابط أجزاؤها من خلال الأقمار الصناعيّة والاتصالات الفضائيّة والقنوات التلفزيونيّة، وقد ورد عن علماء الزمان الماضي أنّ العولمة ليست ظاهرة حديثة بل قديمة تعود في أصلها وبداياتها إلى عاقبة القرن السادس عشر الميلادي، حيث ظهرت مع مستهل الاستعمار التابع للغرب لآسيا وأوروبا والأمريكيتين، ثمّ ارتبطت بتطور النسق التجاري الجديد في أوروبا، الأمر الذي أنتج ظهور نسق دولي عويص اتصف بالعالميّة ثمّ أُطلق عليه اسم العولمة، وقد رأى الباحثون أن العولمة تقوم على أربع عمليات رئيسيّة، وهي المسابقة العظيمة بين القوى الدوليّة العظمى، وانتشار عولمة الإصدار وتبادل المنتجات، والابتكار والإبداع التكنولوجي، والتجديد المتواصلّ.[١] توضيح مفهوم العَوْلَمة العَوْلَمة لُغةً تُعرَّف العولمة لغة بأنها مصدر التصرف عَوْلَم، وهي حريّة انتقال البيانات، وتدفق رؤوس الثروات، والأفكار المتغايرة، والتقنية، والمنتجات والسلع، كما تمثل انتقال الإنس ايضاً بين المجتمعات الإنسانيّة المتغايرة، حيث يؤدي هذا إلى جعل العالم أشبه في قرية ضئيلة،[٢] وقد تم فحص لفظ العولمة لغوياً ليعني تعميم الشيء وتوسيع دائرته ليكتسب الصفة الدوليّة، ويُعدّ لفظ العولمة لفظاً مترجماً للمصطلح الإنجليزي (Globalization)، حيث ترجمه القلة بالعولمة، كما ترجمه القلة بالكونيّة، وورد أيضاًً أنه تُرجِم إلى لفظ الكوكبة، وقيل: العولمة هي الشوملة، ويُعدّ لفظ العولمة الأشهر بينها، فقد اشتُهِر بين الباحثين وأصبح الأكثر شيوعاً بين الاستثماريّين، والسياسيّين، والإعلاميّين.[٣] العَوْلَمة اصطلاحاً العولمة هي عمليّة هيمنة وتحكم ووضع القوانين إلى منحى إزاحة الحواجز بين الدول، وهي العمليّة التي تسمح للشركات بتحسين تأثيرها الدولي على اختلاف أشكالها، ومن الممكن القول إنّ العولمة عبارة عن عمليّة استثماريّة في مقامها الأول، ثمّ تتّسع لتشمل الجوانب السياسيّة، والاجتماعيّة، والثقافيّة،[٤] وقد تعددت تعاريف العولمة ومعانيها، واختلفت وجهات نظر الباحثين فيها،[٣] ومن أجل تلك المتغيرات أصبحت العولمة موضوعاً يحرض الجدال في غير مشابه مناطق العالم.[٤] وقد عرّف البنك الدولي العولمة على أنها التعاون الاستثماري المُتزايد لدول العالم أجمعها، والذي يوثقه مبالغة مقدار تداول المنتجات والخدمات وتنوعها عبر الأطراف الحدودية إضافة إلى مبالغة تدفق رؤوس الثروات بين الدول، وانتشار التقنية في غير مشابه مناطق العالم، أما ويبسترز (بالإنجليزيّة: Websters) فقد عرف العولمة على أنها إكساب الموضوعات طابعاً دولياً وجعل نطاقه ذا صبغة دوليّة ايضاً، ويعرف الدكتور مصطفى محمود العوملة بأنها مصطلح ظهر ليفرغ الوطن من وطنيته وقوميته وانتمائه الديني والاجتماعي والسياسي ليصبح خادماً للقوى الكبرى في العالم، أما الدكتور سيار الجميل فقال: إنّ العولمة ما هي إلّا عمليّة اختراق لتفكير الإنسان وذهنياته، وتراكيبها، واختراق للمجتمعات، وللدول وكياناتها، كما أنها اختراق لجغرافيّة الدول ومجالاتها، وللاقتصاديات والثقافات والهويات، ومن الممكن القول وبشكل عام إنّ العولمة نسق دولي قائم على الذهن الإلكتروني والثورة المعلوماتيّة التي تقوم بدورها على الإبداع التقني اللامحدود، ودون وضع أيّ اعتبار للأنظمة والقيم والثقافات والحدود الجغرافيّة والسياسيّة في العالم.[٥] أنواع العَوْلَمة العَوْلَمة الاستثماريّة يمكن توضيح مفهوم العولمة الاستثماريّة بأنّها سيادة نسق استثماري واحد، يحتوي على غير مشابه دول العالم في مجموعة صلات استثماريّة متشابكة مع بعضها القلة، وتقوم تلك الصلات على تداول الخدمات، والمنتجات، والسلع، ورؤوس الثروات، ويعتمد البُعد الاستثماري للعولمة على مبدأ حريّة التجارة بين الدول، ويبدو ذلك المبدأ في تنقل الخدمات والسلع، ورؤوس الثروات بين الدول المتغايرة دون وجود أي حدود أو عقبات، وقد ظهر ذلك المبدأ جلياً في الاتفاقيّة العامة للتعريفات والتجارة، فقد نصت أهدافها على إنشاء تجارة عالميّة حرة تقوم برفع مستوى المعيشة في الدول المتعاقدة، وتؤدي إلى تسخير إجمالي للموارد الاستثماريّة الدوليّة، وتسعى إلى تحديثها، وإنماء وتوسعة الإصدار والتبادل التجاري العالمي.[١] وتتمثّل العولمة الاستثماريّة في أمور محددة يمكنها بواسطتها الدول الاستعماريّة أن تتحكم في الدول الضعيفة، ومن تلك الموضوعات:[٥] انتقال الثروات والقوى التي تعمل بحريّة هائلة بين أماكن البيع والشراء، حيث يشاهد الباحثون أن العولمة تقوم على خلفية المقاييس الاستثماريّة، وأنها تعني ارتفاع الصلات المتبادلة التي تتمثل في انتقال القوى التي تعمل ورؤوس الثروات، وتبادل المنتجات والخدمات بين دول العالم. خضوع دول العالم الشديد للسوق الدوليّة الاحتكاريّة، الشأن الذي أنتج اختراق الأطراف الحدودية وانحسار سيادة الجمهورية، ويكون هذا بمساهمة المؤسسات الكبير جدا ذات رؤوس الثروات العظيمة التي تتمكن من النفوذ على سيادة الدُّوَل، وإحكام القبضة على اقتصادها وثرواتها. الاندماج الحاصل في حقول التجارة والاستثمارات المباشرة لمختلف متاجر العالم، حيث ترغب الكثير من الدول الكبرى بتأسيس متاجر دوليّة تساهم فيها الدول الضعيفة والقويّة لتبادل المنتجات والمنتجات فيما بينها؛ لتنشأ بينهم رابطة تطلعات مشتركة، ثمّ تتحول تلك الرابطة بشكل متدرجً إلى هيمنة وسيطرة. هيمنة المؤسسات الدوليّة ذات الجنسيات المتنوعة على رؤوس الثروات المخصصة بالدول الضعيفة، ويكون هذا من خلال اقتصاد الدول الشديدّة مواردها في هذه الدول الضعيفة. العَوْلَمة السياسيّة إنّ العولمة السياسيّة تقوم في أساسها على الحريّة في غير مشابه صورها، كحريّة التفكير، وحريّة التعبير، وحريّة الاختيار، وحريّة الاعتقاد، وحريّة الانضمام إلى المنظمات السياسيّة، وحريّة تشكيل الأحزاب، وحريّة الانتخاب، وتتمثل الأشكال السياسيّة للعولمة في وقوع الأنظمة الديكتاتوريّة والاتجاه صوب الأنظمة الديمقراطيّة، كما وتؤكد على حماية وحفظ حقوق وكرامة البشر وصيانتها، وقد أدت العولمة السياسيّة إلى تطور العالم تطوراً ديمقراطياً ملحوظاً يتضح في جلياً في الكثير من الدول وخصوصا الدول النامية، حيث زاد المساهمة السياسيّة التي عززت مصير الأمم، وسقطت الحواجز التي تمنع تكوين الأحزاب السياسيّة، ولم يعد هناك شيء يعترض سبيلها ما دام أنها تعمل في خدمة الوطن والمواطن، ومن أشكال العولمة السياسيّة كذلكً تركيز المنظمات العالميّة غير الحكوميّة التي تهتم بالقضايا الدوليّة، مثل: قضايا حقوق وكرامة البشر، وقضايا تقصي السلام، ويُعدّ ميثاق منظمة الأمم المتحدة الذي يتضمن في مبادئه على مبدأ التدخل للأغراض الإنسانيّة خير مثال على المراعاة بتبجيل حقوق وكرامة البشر وحريّاته.[١] العَوْلَمة الثقافيّة يتعلق مفهوم العولمة الثقافيّة ارتباطاً وثيقاً بفكرة التوحيد الثقافي الدولي، الذي استعملته لجنة اليونسكو الدوليّة التي تعمل على اجتماع الخطط والإستراتيجيات الثقافيّة في طريق الإنماء، حيث رأت اللجنة أنّ التوحيد الثقافي يستغلّ شبكة الاتصالات الدوليّة والهيكل الاستثماري والإنتاجي الموالي لها والمتمثل في شبكات نقل البيانات والسلع، وتتخذ العولمة الثقافيّة بعداً اقتصادياً وإعلامياً، وتعتبر عولمة الثقافة شكلاً من أنواع الهيمنة والتبعيّة، كما تحوي بين جوانبها العديد من المخاوف التي يُعبَّر عنها بواسطة الميديا المتغايرة على أنّها ظاهرة يلزم التأهب لها، لما تحمله الثقافة من أهميّة هائلة في حياة الأشخاص؛ فهي التي تميز الأجناس البشريّة عن بعضها القلة، وهي التي تؤكد الصفة الإنسانيّة للجنس البشري.[١] ولمواجهة العولمة الثقافيّة لا بُدّ من أداء بعض الموضوعات الرئيسيّة، كاستخدام اللغة العربيّة الصحيحة والبسيطة في الميديا والاتصال الجماهيري، كما يلزم الذهاب بعيدا عن اللهجات الإقليميّة قدر الإمكان، ودعم القيم الدينيّة والروحيّة اعتماداً على دور الدين في الزمان الماضي والتراث والحياة المعاصرة، وإيجاد توازن بين مراسلات الشركات المتعلقة بمختلف الجوانب التعليميّة والثقافيّة، والرسائل الترفيهيّة بشرط عدم التضاد مع القيم التنمويّة، كما يلزم فحص المراسلات الإعلاميّة التي تُبَثّ بواسطة الفضائيات والمواقع والصحف المتغايرة، ونقدها، والتأكد من عدم احتوائها على قيم تخالف القيم الدينيّة والروحيّة العربيّة والإسلاميّة، أو قيم تخالف الخطط والإستراتيجيات التنمويّة والجهود التي تهدف إلى حراسة الخصوصيّة الثقافيّة.[١]